السبت، 7 يناير 2012

التربية والتعليم

 التربية والتعليم
هل هما في وضع تطابق أم يعيشان حالة تباين؟



" تشكل التربية النقطة التي يتقرر فيها ما اذا كنا نحب هذا العالم بما يكفي لنتحمل مسؤوليته"
شاع خلط كبير عند عامة الناس بين التربية والتعليم واعتبر التقريب بينهما معطى بديهي ومسألة متداولة وهذا صنيع غير مفهوم وأمر غريب نظرا للاختلاف التخصصي بينهما وانتماء الطرف الأول الى دائرة الأخلاق والطرف الثاني الى دائرة المهنة وقد عززه وقوع غالبية العلماء والمفكرين في نفس الحكم المسبق وهو أن كل فعل تربوي يرتكز بالضرورة على تجربة تعليم معمق ومتدرج وكل مراحل تعليمية يمر بها الانسان تفضي الى امتلاك المرء لتربية متوازنة وعقلانية.
لكن التعليم قد يعني التكوين والتبليغ والتلقين وتصنيع الذكاء واكتساب الخبرة في مجال معين والمهننة، أما التربية فقد تطلب الآداب والتنوير والاضاءة والتثقيف والصلاح وتعني السمو الروحي والارتقاء الأخلاقي والتحلي بالفضيلة وطلب الخير.
فما مرد هذا الخلط بين التربية والتعليم؟ وماهي الوسائل الكفيلة بالتمييز بينهما؟ وما المقصود بالتربية؟ وماهي مميزات التعليم؟ وماذا لو شخصنا المسالة التعليمية عند العرب ؟ وكيف نفسر الوضع التربوي اليوم؟ وهل يمكن الحديث عن أزمة حقيقية يمر بها هذا القطاع؟ وماهي أسباب هذه الأزمة؟ وهل يمكن تصور بدائل ومخرج منها تبعث على الأمل وتحفز نفوس الناشئة على الفعل وعلى الابداع؟ وماذا يمكن للتفكير الفلسفي المعاصر أن يقدم بهذا الصدد؟ وما العمل لكي تتفادى التربية السقوط في هاوية التقليد واعادة انتاج النظام القائم؟ وكيف نتفادى تحول سلطة التعليم الى نوع من الدكتاتورية والوصاية؟ ومتى تبدأ مرحلة التربية والتعليم بالنسبة للمرء؟ وفي أية زمانية يجب أن تتوقف؟ وماذا نحتاج بالضبط في الوقت الراهن؟ هل الأمر يتعلق بتطوير المناهج التربوية عن طريق علوم التربية أم ابداع نمط فلسفي مابعد حديث في التعليم؟وماهو تأثير التغيرات التاريخية والتحولات السياسية على هذا المجال؟ والى أي مدى يتأثر الفعل التربوي بالتدافع الاجتماعي والمتطلبات الاقتصادية؟ وما السبيل الى احداث ثورة في قطاعي التربية والتعليم؟ وألا تقتضي المسألة التمييز بين التعليم بخبير والتعلم الذاتي؟ ومتى نشهدميلاد طريقة جديدة للتعلم ويصبح الفضاء التربوي فرصة لتنمية المهارات ولانخراط المرء في عالم مختلف؟
ان رأس الأمر هنا ليس اصلاح المنظومة التربوية وايجاد حلول ترقيعية للتعليم يخدم النظام السياسي المزمع تشكيله ويبشر بخياراته الايديولوجية وانما اعادة بناء المرجعية التربوية برمتها على أسس علمية وموضوعية محايدة عن كل توظيف وبريئة من كل استغلال سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي.

ليست هناك تعليقات: